جاري تحميل ... مدونة المفكر

إعلان الرئيسية

أخر الموضوعات

إعلان في أعلي التدوينة

مقالات

حكاية الخمر فى عرس النبى (ص) بالسيدة خديجة ( رضى )

 كان بيان جبهة علماء الأزهر المطالب بسحب جائزة الدولة منى يقوم على فكرة كتابتى نصوصا كفرية صريحة بكتبى تسب الله و رسوله، و هو البيان الذى اعتمد علية كل المكفراتية : من الجماعة السلفية إلى الجماعة الإسلامية إلى يوسف البدرى إلى د.نصر فريد واصل إلى الإخوان . و يردد هذا البيان أقوالا منسوبة إلى كتابى : (الحزب الهاشمى) و هو الجزء الأول من مجلد (الإسلاميات) ،كما هو آت:
{ لقد خرج سيد القمنى على كل معالم الشرف و الدين ، حين قال فى أحدى كتبه التى أعطاه الوزير جائزة الدولة التقديرية: " إن محمدا (صلى الله عليه و سلم رغم أنفه و أنف من معه) قد وفر لنفسه الأمان المالى بزواجه من الأرملة خديجة (رضى الله عنها رغم انفه كذلك و أنف من رضى به مثقفا) بعد ان خدع والدها و غيبه عن الوعى بأن أسقاه الخمر" } .
و بداية فإن هذا القول المحدد بعلامات التنصيص باعتباره نص كلامى فى الكتاب المشار اليه ،هو قول لا أعرفه بل هو قول فلوت، و أن الجبهة عندما تنسب لى قولا كهذا فى مناخ كمناخنا فإنها تهدر دمى كما سبق و أهدرت دم المرحوم فرج فودة.
و للتوضيح فإن كتابى هذا (و كل كتاباتى) ليست كتبا فى الدين الإسلامى و لا فى اى من علومه، فكتاب الحزب الهاشمى هو كتاب فى التاريخ الإجتماعى لواقع جزيرة العرب عشية الدعوة الإسلامية، بغرض قراءة السيرة النبوية قراءة اجتماعية فى الأجزاء التالية (حروب دولة الرسول).و إذا كان المبدأ القانونى الإسلامى يقول: " البينة على من ادعى و اليمين على من انكر"،فقد أكدت أن كلام الجبهة لا علاقة لى به،و ان عليهم نشر هذه النصوص بالصورة من كتبى فلم يفعلوا،طلبت مواجهتهم علنا بقناة الفراعين فلم يحضر أحد غيرى.
و رغم انى غير ملزم بتقديم أكثر من يمين الإنكار فإن الأسلوب المتحضر و العلمى للواثقين من الذات هو أن أقدم أنا نص ما ورد بكتابى بخصوص قصة زواج النبى (ص) من السيدة خديجة رضى الله عنها .لنطالع معا ما ورد بكتابى الحزب الهاشمى طبعة مدبولى الصغير ص 131:
(و معلوم أن المصطفى صلى الله عليه و سلم –بعد أن طوت راحة الزمن جده عبد المطلب ،شب فى كنف عمه ابى طالب،و ببلوغه صلى الله عليه و سلم مرحلة الشباب تزوج السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، التى وصفها ابن إ سحق بانها "كانت امراة تاجرة ذات شرف و مال /ابن هشام بشرح السهيلى فى الروض الأنف ح 1 ص212 ".ووصفها ابن سيد الناس بانها " كانت أكثر نساء العرب مالا/عيون الأثر/ج1/ص 262 " و كانت تكبر النبى صلى الله عليه و سلم بنحو خمس عشر سنة ، مما وفر له صلى الله عليه و سلم الوقت الكافى و الإطمئنان النفسى للانصراف من السعى وراء الرزق إلى التفكير فى شئون قومه السياسية و الدينية. و فى ذلك يقول الدكتور أحمد إبراهيم الشريف: " ثم ان النبى وجد بعد زواجه من خديجة بنت خويلد- و هى إحدى النساء الغنيات الشريفات فى مكة – نوعا من الراحة النفسية..و قد كان فى هذا الزواج من العوامل التى جعلته يتخفف من بعض أعباء الحياة، و من بعض عناء السعى ، فخديجة الغنية بمالها التى كانت امراة نصف، قد فارقت عهد الشباب الأول، و كانت لها تجربة فى إدارة أموالها ، كانت أقدر على توفير حياة زوجية هادئة رصينة هيأت لمحمد أن يتخفف من أعباء الحياة لأفكاره الذاتية/كتابة : مكة و المدينة فى الجاهلية و عهد الرسول /دار الفكر العربى/القاهرة/ط2/ص250،251".)
و هكذا يكون القائل بتأمين الزواج من خديجة لحياة هادئة للنبى ص هو رجلهم الدكتور الشريف و هو رجل عشرة على عشرة لم يشكك أحد فى إيمانه يوما،هذا إضافة لقول النبى ص نفسه عندما كان يذكر خديجة : "آمنت بى حين كذبنى الناس وواستنى بمالها حين حرمنى الناس/صحيح المتن و السند".
و يبقى من اتهامات بيان الجبهة مسألة قولى ان النبى أراد خداع الأب خويلد كى يرضى بتزويجه خديجة فقام بإسكاره و أخذ منه عهد الزواج و هو سكران . و هذا بدوره نص كلام لاأعلمه و لم أقله، و لنعد إلى كتابى نستطلع فيه حكاية الخمر فى عرس النبى .
يقول كتابى الحزب الهاشمى نفس الطبعة ص 132ما نصة : (عندما تزوج المصطفى صلى الله عليه و سلم من السيدة خديجة رضى الله عنها،أكثر الناس من الكلام فى هذه الزيجة، و هنا يروى بن كثير :" إن عمار بن ياسر كان إذا سمع ما يتحدث الناس به عن تزويج رسول الله صلى الله عليه و سلم خديجة و ما يكثرون فيه ، يقول : أنا أعلم الناس بتزويجها إياها ،إنى كنت له تربا و كنت له إلفا و خدنا، و إنى خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم،حتى إذا كنا بالحزورة(حى بمكة) أجزنا على اخت خديجة و هى جالسة على أدم (لحم مجفف) تبيعها، فنادتنى فانصرفت إليها، ووقف لى رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقالت:أما بصاحبك هذا من حاجة فى تزويج خديجة؟ قال عمار: فرجعت إلبه فأخبرته،فقال : بلى لعمرى، فذكرت لها قول رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقالت أغدوا علينا إذا أصبحنا ، فغدونا عليهم فوجدناهم قد ذبحوا بقرة و ألبسوا أبا خديجة حلة و صفرت لحيته (صبغت بالحناء)،و كلمت أخاها فكلم أباها و قد سقى خمرا، فذكر له رسول الله صلى الله عليه و سلم و مكانه، و سأله أن يزوجه، فزوجه خديجة و صنعوا من البقرة طعاما فأكلنا منه ،و نام أبوها ثم استيقظ صاحيا فقال :ما هذه الحلة؟ و ما هذه الصفرة؟ و ماهذا الطعام؟ فقالت له ابنته-التى كانت قد كلمت عمار بن ياسر – هذه حلة كساكها محمد بن عبد الله ختنك و بقرة أهداها لك فذبحناها حين زوجته خديجة، فأنكر أن يكون زوجه و خرج يصيح حتى جاء الحجر(بالكعبة)، و خرج بنوهاشم برسول الله صلى الله عليه و سلم فكلموه ،فقال :أين صاحبكم الذى تزعمون انى زوجته خديجة ؟ فبرز له رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فلما نظر إليه قال:إن كنت قد زوجتك فسبيل ذاك،و إن لم أكن فعلت فقد زوجته/البداية و النهاية/طبعة دار الكتب العلمية /بيروت/ح2/ص274" ) .
هذا ما ورد بشأن قصة الزواج و الخمر بكتابى، و هكذا لا أكون قد قلت ، و لا ابن كثير قد قال أن النبى خدع الأب و سقاه الخمر، و رواية عمار بن ياسر هنا مبنية للمجهول فلا نعلم من أسكر الأب و لا من صبغه بالحناء و لا من ألبسه الحلة.
بخصوص هذه النقطة أذكر موقف المذيعة (سوزان حرفى ) على قناة الفراعين و هى تصر على أنى قلت فى كنابى ما جاء فى بيان الجبهة ، المضحك المبكى أن كتابى كان بيدى و انا موجود و هى مصرة مستميتة تؤكد للناس كلاما لاعلم لى بة ؟!! بل و أضافت أنى قلت ان الأب عندما أفاق من سكرة رفض هذا الزواج بالمطلق ، بينما النص بكتابى يشيرلموافقتة بالزواج عندما شاهد النبى صلى الله عليه و سلم حتى قال انة لو لم يكن زوجة فإنة يزوجة ، و هو الأمر الذى يدفع دفعا إلى محاولة تصور حجم وكم المال الذى تم دفقه فى هذه القضية الفاسدة.
و رغم علمى أن الخمر لم يكن محرما بعد ، و أن الصحابة قد شربوا الخمر حتى نزول آية الاجتناب ، فإنى حاولت تحرى الروايات عساى أجد منها ما لا يصدم ذوق المسلمين اليوم ، حتى حشدت جميع الروايات أمامى لأختار من بينها هذه الرواية ، بعد فرز و تجنيب طال بحثه شهورا فى هذه الجزئية وحدها، و هنا درس لأهل الفتاوى الجاهزة المعممين المقفطنين كم من مشقة و جهد يبذل الباحث بشروط المنهج العلمى و صرامته التى تلزمنا بالتدقيق المبين فى الإختيار بين النصوص ، و هو مايبين بوضوح طريقة العلمانيين مقارنة بطريقة المشايخ فى البحث و التحرى قبل إصدار الأحكام.
إليكم روايات انصرفت عنها و لم آخذ بها ، منها " أخبرنا خالد بن حداش بن عجلان، أخبرنا معتمر بن سليمان، قال سمعت أبى يذكر أن ابا مجلز حدث أن خديجة قالت لأختها : انطلقى إلى محمد فاذكرينى له أو كما قالت، و أن اختها جاءت فأجابها بما شاء الله، و أنهم تواطأوا على أن يتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم، و أن أبا خديجة سقى خمرا حتى أخذت منه، ثم دعا محمدا فزوجه.قال و سنت على الشيخ حلة، فلما صحا قال ما هذه الحلة؟ قالوا كساكها ختنك محمد، فغضب و أخذ السلاح و أخذ بنو هاشم السلاح و قالوا : ما كانت لنا فيكم رغبة، ثم أنهم اصطلحوا بعد ذلك /ابن سعد/الطبقات الكبرى/ح1/ص132/طبعة دار الشعب/القاهرة".
و هنا منكرات كثيرة تبدأ بإقرار أن الزواج كان مؤامرة انتهت برفع العائلتين السلاح فى وجه بعضهما البعض، لهذا لم آخذ بالرواية لنكارتها، و ايضا لأسباب تتعلق بسلامة السند ،فخالد بن خداش مرفوض من الرجاليين، و ابن مجلز وصفوه بانه لم تكن له صحبة، و من ثم فهو حديث مجروح السند.
عند ابن سعد نفسه رواية أخرى كررها ابن اسحق و عنه نقل ابن هشام تقول ان من زوجها للنبى عمها عمرو بن اسد و ليس أبيها خويلد لأن الأب كان قد مات فى حرب الفجار، و قد استبعدت هذه الرواية بدورها،لأنها جاءت عند بن اسحق بلا سند منه و تبعه من نقلوا عنه : الطبرى فى 2/272وابن الأثير فى الكامل 2 / 39 وابن كثير فى تاريخة 2 / 272 ،بدون سند بدورهم ، و هو ما جاء عند بن سعد ملفوفا بالغموض ،و سنده لموسى بن شيبة مجروح فقد وصفه عبدالله بن أحمد بأن أحاديثه مناكير،و لو ذهبنا لرواية البيهقى المشابهه سنجدها تستند إلى عمر بن أبى بكر الموصلى و هو عند علماء السند من المتروكين ،و مثله هامش ما جاء فى دلائل البيهقى وقد ضعفه أبو زرعه و قال أبو حاتم أنه من متروكى الحديث.
و فى كل تلك الروايات (عدا التى اعتمدناها) نقائض صارخة، فمرة تعرض خديجة رضى الله عنها نفسها مباشرة على النبى(ص)، و تارة توسط أختها، و مرة عمها الذى أخذ بدوره الاسم عمرو، و فيما يخص مؤامرة الإسكار فقد تكررت مع العم و الأب، و هو الاضطراب الذى ألجأ صاحب نور الأبصارإلى القول بأن الثلاثة الأب و العم و الأخ قد شاركوا فى هذا الزواج، و هو ما ينتفى معه القول بموت الأب فى الفجار.
مع كل هذا الخلط و التباين لم يبق أمامى إلا العودة للراوى الأول الصحابى الذى نقل مباشرة من فم الرسول ، و كلهم يعودون إلى ثلاث رواة،أشهرهم بين الرواة عبدالله بن عباس حبر الأمة، لكن النبى توفى و عمر عبدالله عشر سنوات، ثم رواية عبدالله بن الحارث الكندى، و هو فيما نعلم قد ولد بعد بعثة النبى صلى الله عليه و سلم، و الرواية الثالثة مصدرها هو عمار بن ياسر صاحب رسول الله (ص) وعشيرة و لصيقه لمدة ثلاث و عشرين سنة، لذلك وقع اختيارنا على روايته بعد مشقة و جهد و عنت و لأى طويل عريض، و لأنها كانت ابعد الروايات عما قد يستنكره ذوق المسلم اليوم او يألفه.
هؤلاء سادتى هم مشايخكم الذين تعودون اليهم وتسلمون إليهم دينكم وعقولكم ، قد ركبوا مركب الكذب الرخيص و التحريض السفية و القذف بما ينضح منهم و التكفيردون خشية من رب الدين ، و دون أن يكلفوا أنفسهم عناء مراجعة ما بذلنا من عناء ، ليس لأنى ضد دين من الأديان و لكن لأنى أهتك أستارهم وأفضح تجارتهم بنا و بديننا فى سبيل أعراض الدنيا و جاهها ووجاهتها ...هذة بيناتى فهاتوا بيانتكم و أنتم من ادعى ، أو بوؤا بخسران و فضيحة فصيحة أمام شعبنا المسلم الطيب، لكى يعلم لمن أسلم عقله و ضميره و دينه ، و أى أخلاق و قيم و عدل يتمتع بها المشتغلين علينا بالدين وهو منهم ومن أخلاقهم برىء براءة العبد الفقيرالى اللة ؟!
الوسوم:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *